كارل ياسبرز: الفيلسوف الوجودي الذي لم ينل حظه من الشهرة، وصاحب نظرية الزمن المحوري والذنب الميتافيزيقي.
ولد كارل ياسبرز في ألمانيا عام ١٨٨٣ لعائلة ثرية متحررة فكريًا. وأصيب في طفولته بمرض عضال بالرئتين توقع الأطباء أن يقضي على حياته في عمر الثلاثين؛ مما جعله محور رعاية أسرته وذويه. كانت الفلسفة المجال الأكثر جاذبية لياسبرز إلا أنه لم يجرؤ على التخصص فيها في بداية الأمر، فبدأ بدراسة القانون أولًا ثم تحول منه إلى دراسة الطب وحصل فيه على الدكتوراه عام ١٩٠٨م، ثم تخصص في الطب النفسي وعين استاذًا له في جامعة هايدلبرغ عام ١٩١٣م، وأخيرًا انتهي به المطاف بدراسة الفلسفة وتدريسها منذ عام ١٩٢١م. وظل ياسبرز يعمل بهذا المنصب إلى أن أقصاه النظام النازي عن التدريس في الجامعة بسبب زواجه من يهودية.
كان الاضطهاد الألماني لليهود أولًا وله ثانيًا بداية تبلور فكرة الذنب الجمعي أو الذنب الميتافيزيقي وهو ما ظهر في كتابه «مسألة إحساس الألمان بالذنب». ومن ثم انطلق ياسبرز نحو الفلسفة التي اعتنق فيها مذهب الوجودية (وإن كان قد رفض هذا المصطلح الأخير)، وقد اتخذ منها موقفًا وسطَا فلم يرفض الدين، كما إنه لم ينكر العلم. ويمكن القول ان فلسفة ياسبرز تقوم على التجربة التي يقوم بها الإنسان محاولًا فيها اكتشاف ذاته، فهذا هو التفلسف الحقيقي، أما دراسته للفلاسفة السابقين فكان لتوسيع الآفق وتحفيز العقل على التفكير لا أكثر.
يُعد ياسبرز واحد من أكثر الفلاسفة غزارة من حيث التأليف إذ كتب ثلاثين كتاب تقريبًا ومن أهم كتبه «الفلسفة» وهو سفره الذي ضمَّنه الكثير من ارائه وأفكاره الفلسفية، و«فلسفة الوجود» و«العقل والوجود» و«أصل وهدف التاريخ».
على الرغم من أن كارل ياسبرز قاوم النظام النازي في ألمانيا وظل فيها ولم يرحل عنها، إلا أنه مات كمواطن سويسري عام ١٩٦٩م.
