⬅️ رجوع إلى صفحة المؤلف

موسوعة مصر القديمة (الجزء الرابع عشر): الإسكندر الأكبر وبداية عهد البطالمة في مصر

موسوعة مصر القديمة (الجزء الرابع عشر): الإسكندر الأكبر وبداية عهد البطالمة في مصر

الإسكندر الأكبر: الفاتح العظيم

يُعتبر الإسكندر الأكبر واحدًا من أعظم القادة العسكريين في التاريخ، حيث تمكن من توسيع إمبراطوريته لتشمل مناطق شاسعة من العالم القديم. وُلِد في عام 356 قبل الميلاد في مقدونيا، وكان ابن الملك فيليب الثاني. منذ صغره، أظهر الإسكندر موهبة استثنائية في القيادة والتكتيك العسكري.

في عام 334 قبل الميلاد، بدأ الإسكندر حملته الشهيرة ضد الإمبراطورية الفارسية، والتي أدت إلى انتصارات متتالية في معارك مثل معركة جرانیکوس ومعركة إيسوس. وقد ساهمت هذه الانتصارات في تعزيز مكانته كقائد عسكري بارز وأدت إلى فتح العديد من المدن الكبرى.

الإسكندرية: مدينة الأسس الثقافية

بعد انتصاره على الفرس، أسس الإسكندر مدينة الإسكندرية عام 331 قبل الميلاد. أصبحت هذه المدينة مركزًا ثقافيًا واقتصاديًا هامًا في العالم القديم. كانت الإسكندرية تتميز بمكتبتها الشهيرة التي احتوت على مجموعة ضخمة من المخطوطات والكتب، مما جعلها مركزًا للعلم والمعرفة.

كما أن موقع المدينة الاستراتيجي على البحر الأبيض المتوسط ساعدها على أن تصبح نقطة التقاء للثقافات المختلفة، حيث تفاعل فيها اليونانيون والمصريون والعرب واليهود. هذا التنوع الثقافي أسهم بشكل كبير في تطور الحضارة الهلنستية.

البطالمة: حكم جديد لمصر

بعد وفاة الإسكندر الأكبر عام 323 قبل الميلاد، تم تقسيم إمبراطوريته بين جنرالاته المعروفين بالبطالمة. تولى بطليموس الأول الحكم في مصر وأسس سلالة البطالمة التي استمرت لأكثر من ثلاثة قرون. كان حكم البطالمة مميزًا بدمج الثقافة اليونانية مع الثقافة المصرية التقليدية.

خلال فترة حكمهم، شهدت مصر ازدهارًا اقتصاديًا وثقافيًا كبيرًا. قام البطالمة بتطوير الزراعة والتجارة، بالإضافة إلى دعم الفنون والعلوم. كما أن إنشاء مكتبة الإسكندرية كان أحد أبرز إنجازاتهم الثقافية.

التحديات والصراعات خلال عهد البطالمة

على الرغم من الإنجازات العديدة التي حققتها سلالة البطالمة، واجهت أيضًا تحديات وصراعات داخلية وخارجية. كانت هناك صراعات مستمرة مع القوى المجاورة مثل الرومان والفارسيين. كما شهدت فترة حكمهم صراعات داخلية بين أفراد العائلة المالكة مما أدى إلى عدم الاستقرار السياسي.

ومع مرور الوقت، بدأت قوة البطالمة تتراجع بسبب الضغوط الخارجية والصراعات الداخلية، مما أدى إلى تدخل الرومان واحتلال مصر في النهاية عام 30 قبل الميلاد.

الخاتمة: إرث الإسكندر والبطالمة

ترك الإسكندر الأكبر وسلالة البطالمة إرثاً غنياً أثرى تاريخ مصر القديم. فقد ساهموا في تشكيل الهوية الثقافية والسياسية للبلاد بطريقة لا تُنسى. إن تأثيرهم لا يزال محسوساً حتى اليوم من خلال المعالم التاريخية والثقافة الغنية التي تركوها وراءهم.

إن دراسة

موسوعة مصر القديمة (الجزء الرابع عشر): الإسكندر الأكبر وبداية عهد البطالمة في مصر
«مَثَلُ الباحثِ في تاريخِ الحَضارةِ المِصريةِ القديمةِ كَمَثَلِ السائحِ الذي يجتازُ مَفازةً مُترامِيةَ الأَطْراف، يَتخلَّلُها بعضُ وُدْيانٍ ذاتِ عُيونٍ تَتفجَّرُ المياهُ مِن خِلالِها، وتلك الوُدْيانُ تَقعُ على مَسافاتٍ في أرجاءِ تلكَ المَفازةِ الشاسعةِ، ومِن عُيونِها المُتفجِّرةِ يُطفئُ ذلك السائحُ غُلَّتَه ويَتفيَّأُ في ظِلالِ وَادِيها؛ فهوَ يَقطعُ المِيلَ تِلوَ المِيلِ عدَّةَ أيام، ولا يُصادِفُ في طَريقِهِ إلا الرِّمالَ القاحِلةَ والصَّحاري المَالحةَ، على أنَّهُ قد يَعترِضُهُ الفَينةَ بعدَ الفَينةِ بعضُ الكلَأِ الذي تَخلَّفَ عَن جُودِ السَّماءِ بمائِها في فَتراتٍ مُتباعِدة؛ هكذا يَسيرُ هذا السَّائحُ ولا زادَ مَعَه ولا ماءَ إلا ما حَمَلهُ مِن آخِرِ عَينٍ غادَرَها، إلى أنْ يَستقِرَّ به المَطافُ في وادٍ خَصيبٍ آخَر، وهُناك يَنعَمُ مرَّةً أُخرى بالماءِ والزَّاد، وهَذِه هي حَالةُ المُؤرِّخِ نفسِهِ الذي يُؤلِّفُ تاريخَ الحضارةِ المِصريةِ القَدِيمة، فالمَصادرُ الأصْليةُ لديهِ ضَئِيلةٌ سَقِيمةٌ جدًّا لا تتصلُ حَلقاتُ حَوادثِها بعضُها ببعض، فإذا أُتيحَ له أن يَعرِفَ شَيئًا عَن ناحيةٍ مِن عَصرٍ مُعيَّنٍ مِن مَجاهلِ ذلكَ التَّارِيخ، فإنَّ النَّواحيَ الأُخْرى لذلكَ العَصرِ نفسِهِ قد تَستعْصِي عليه، وقَد تَكونُ أبوابُها مُوصَدةً في وجهِه؛ لأنَّ أخبارَ تِلكَ النَّواحي قدِ اختفتْ إلى الأَبد، أو لأنَّ أسرارَها ما تزالُ دَفينةً تحتَ تُربةِ مصرَ لم يُكشَفْ عنها بَعدُ.»

المؤلف: سليم حسن

الترجمات:

التصنيفات: تاريخ

تواريخ النشر: صدر هذا الكتاب في تاريخ غير معروف. - صدرت هذه النسخة عن مؤسسة هنداوي عام ٢٠١٩.

فصول الكتاب